سورة نوح - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (نوح)


        


{يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11)}
{يُرْسِلِ السماء عَلَيْكُمْ مُّدْرَارًا} أي كثير الدر ورأى السيلان والسماء السحاب أو المطر ومن اطلاقها على المطر وكذا على النبات أيضًا قوله:
إذا نزل السماء بأرض قوم *** رعيناه وان كانوا غضابا
وجوز أن يراد بها المظلة على ما سمعت غير مرة وهي تذكر وتؤنث ولا يأبى تأنيثها وصفها درار إلا أن صيغ المبالغة كلها كما صرح به سيبويه يشترك فيها المذكر والمؤنث وفي البحر أن مفعالًا لا تلحقه التاء إلا نادرًا.


{وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12)}
{وَيُمْدِدْكُمْ بأموال وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جنات} أي بساتين {وَيَجْعَل لَّكُمْ} فيها أو مطلقًا {أَنْهَارًا} جارية وأعاد فعل الجعل دون أن يقول يجعل لكم جنات وأنهارًا لتغايرهما فإن الأول مما لفعلهم مدخل فيه بخلاف الثاني ولذا قال يمددكم بأموال وبنين ولم يعد العامل كذا قيل وهو كما ترى ولعل الأولى أن يقال أن الإعادة للاعتناء بأمر الأنهار لما أن لها مدخلًا عاديًا أكثريًا في وجود الجنات وفي بقائها مع منافع أخر لا تخفى ورعاية لمدخليتها في بقائها الذي هو أهم من أصل وجودها مع قوة هذه المدخلية أخرت عنها وإن ترك إعادة العامل مع البنين لأنه الأصل أو لأنه لما كان الإمداد أكثر ما جاء في المحبوب ولا تكمل محبوبية كل من الأموال والبنين بدون الآخر ترك إعادة العامل بينهما للإشارة إلى أن التفضل بكل غير منغص بفقد الآخر وتأخير البنين قيل لأن بقاء الأموال غالبًا بهم لا سيما عند أهل البادية مع رمز إلى أن الأموال تصل إليهم آخر الأمر وهو مما يسر المتمول كما لا يخفى فتأمل وقال البقاعي المراد بالجنات والأنهار ما في الآخرة والجمهور على الأول وروي عن الربيع بن صبيح أن رجلًا أتى الحسن وشكا إليه الجدب فقال له استغفر الله تعالى وأتاه آخر فشكا إليه الفقر فقال له استغفر الله تعالى وأتاه آخر فقال ادع الله سبحانه أن يرزقني ابنًا فقال له استغفر الله تعالى وأتاه آخر فشكا إليه جفاف بساتينه فقال له استغفر الله تعالى فقلنا أتاك رجال يشكون ألوانًا ويسألون أنواعًا فأمرتهم كلهم بالاستغفار فقال ما قلت من نفسي شيئًا إنما اعتبرت قول الله عز وجل حكاية عن نبيه نوح عليه الصلاة والسلام أنه قال لقومه {استغفروا ربكم} [نوح: 10] الآية.


{مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13)}
{مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} إنكار لأن يكون لهم سبب ما في عدم رجائهم لله تعالى وقارًا على أن الرجاء عنى الخوف كما أخرجه الطستي عن ابن عباس مجيبًا به سؤال نافع بن الأزرق منشدًا قول أبي ذؤيب:
إذا لسعته النحل لم يرج لسعها *** وحالفها في بيت نوب عواسل
أو على أنه عنى الاعتقاد كما أخرجه عنه ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وجماعة وعبر به بالرجاء التابع لأدنى الظن مبالغة ولا ترجون حال من ضمير المخاطبين والعامل فيها معنى الاستقرار في لكم على أن الإنكار متوجه إلى السبب فقط مع تحقق مضمون الجملة الحالية لا إليهما معًا ولله متعلق ضمر وقع حالًا من وقارًا ولو تأخر لكان صفة له والوقار كما رواه جماعة عن الحبر عنى العظمة لأنه على ما نقل الخفاجي عن الانتصاف ورد في صفاته تعالى بهذا المعنى ابتداء أو لأنه عنى التؤدة لكنها غير مناسبة له سبحانه فأطلقت باعتبار غايتها وما يتسبب عنها من العظمة في نفس الأمر أو في نفوس الناس أي أي سبب حصل لكم حال كونكم غير خائفين أو غير معتقدين لله تعالى عظمة موجبة لتعظيمه سبحانه بالإيمان به جل شأنه والطاعة له تعالى:

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8